من أساسيات العلاقة الزوجية في الإسلام المودة والرحمة، والسكن والستر المشترك، وهذا يقتضي من الزوجين السماحة وسعة الصدر، والتجاوز عن بعض الهفوات والتي لا يسلم منها إنسان، ولهذا كان الهجر من أحد الزوجين مخالفاً للغاية المرجوة من الزواج.
فما حكم هجر الزوج لزوجته شرعاً وقانوناً؟ وما أسبابه؟ وماذا لو هجرت الزوجة زوجها لأسباب قهرية؟ أسئلة تهم القوارير معرفة الرد عليها.
يقول الدكتور طه أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: لقد جعل الله سبحانه وتعالى الحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة، فالرجل يحتاج إلى المرأة، والمرأة تحتاج إلى الرجل، فلا يستغني أحدهما عن صاحبه، قال الله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم:21]، فجعل الله المرأة سكناً للرجل يأوي إليها بعد التعب والمشقة، ولا سيما إذا كانت لطيفة المعشر صالحة متوددة إلى زوجها تحرص على راحته، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «خير النساء من تسرُّك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك».
وأود أن أشير هنا إلي أنه لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته إلا في حالة نشوزها وعدم خضوعها لنصحه وإرشاده، وهذا الهجر خاص بالهجر في الفراش، بمعني ألا يبدي الرجل للمرأة رغبة في الإقبال عليها والحديث معها، وهو أسلوب يتوخي توجيه المرأة الي ما يجب عليها نحو زوجها من الأخذ بمفهوم القوامة والرعاية، أما إذا هجر زوجته بمعني أن يترك البيت ولا يقيم فيه مع زوجته فهذا أمر محرم مهما تكن الأسباب، وللمرأة الحق في طلب التفريق بينها وبين زوجها إذا تعرضت للضرر بسبب هذا الهجر.
أما هجر المرأة لزوجها فهو معصية، ويتعارض مع ما يجب عليها نحوه من الطاعة، ولكن إذا كرهت المرأة زوجها، وخافت أن تقصر في حقه بسبب هذه الكراهية فلا تثريب عليها إذا طلبت مفارقة زوجها خلعاً إذا رفض أن يطلقها.
[] الهجر يوجب الضرر:
أما عن موقف القانون من الزوجة المهجورة فيقول المحامي بالنقض نشأت جلال عثمان: يجوز للزوجة أن تطلب الطلاق إذا هجرها زوجها فوق أربعة أشهر، فلا الشرع ولا القانون يعطيان الزوج الحق في أن يهجر زوجته للأبد في الفراش، مضيفاً: إذا هجر الزوج زوجته، فمن حقها طلب الطلاق للضرر الواقع عليها إذا إستمر الهجر مدة طويلة وشعرت الزوجة بالفراق ودون عذر مقبول، بل يحق للزوجة أن تطلب الطلاق إذا أقام زوجها في بلد بعيد عنها..وللأسف الشديد فهناك مشكلات كثيرة تحدث في العلاقات الزوجية ولا يستطيع أحد أن يكتشفها ويكون إثباتها صعباً، كأن يهجر الزوج زوجته في الفراش وهما يعيشان في بيت واحد، وهو ما يوجب على الزوجة أن تطلب الطلاق من أجله ولكن إثباته يكون من الأمور الصعبة، ولفت نشأت جلال النظر إلى أن القانون يعطي الزوجة كافة الحقوق ولكن هناك صوراً ونماذج لا يمكن للزوجة أن تأخذ حقها كاملاً ويكون فيها هجر، كأن يعيش الزوج مع زوجته دون تطليقها ويتزوج بأخرى ويزورها بين الحين والآخر.
وأخيراً نود التأكيد علي أن الهجر ليس علاجاً حتمياً، فإن من النساء من لا يصلح الهجر معها، وتصلح معها الكلمة الطيبة، والنصيحة، والحوارالهادئ.
الكاتب: نورا عبد الحليم.
المصدر: : جريدة الأهرام اليومي.